( قصاصة ورق )
ولمّـا أدرك مدخل الحارة الشرقي توقف فجأةً ، ثم إنه مد يده بباطن جيبه الأيمن ، وشرعت أصابعه تبحث في انهماكٍ
عن قصاصة ورق ٍ ، كُتِبَ عليها عشرة أرقام ٍ ، واسم .
تلبّسه ُ الهلع حين عادت إليه يده خاسئة ً مفرغة ، وانطلقت يده الأخرى ، في الجيب الآخر ، تحاول في رجاء ٍ أن تجدها .
لم يفزعه مرور جرذ ٍ من بين قدميه ، يقفز _ بكل مهارة ٍ _ فوق بقع الوحل المتناثرة هناك ، ولا تلك القطة التي انبرت من الظلماء خلفـه .
ابنلج صبح وجهه وأشرق حين عانقت أصابعه قصاصة الورق ، وأطبق عليها بشدة .
متجها ً إلى دكان الجزارة الوحيد في الحارة ، حاول تجنب السقوط في بقع الوحل ، وكاد ان ينجح ، لولا اتساع قطر احداها .
هو يعلم جيداً بأن قدره ُ أن يُولد في حارة ٍ ، منزوعة الهاتف ، ما خلا هذا الدكان ، فاستجمع شجاعته ، وحاول في تجاهل ٍ نسيان ما عليه لصاحب الدكان ، ولم يراقب هذه المرة ضربات الساطور بيد هذا الجزار .
حرك قرص الهاتف ِ عشر مرات ٍ ، وسد إخدى أذنيه بسببابته ، ثم إنه انتظر ..
- مســاء الخير سيدي ، أنـا ( صابر ) ، وطلبت مني أن أهاتفك في المسـاء .
- من ( صابر ) ؟
- يا سيدي .. أنا من صادف وجوده عند الشاطىء ، وأنقذ ولدك من الغرق .
شعر باسحياء ٍ بعد جملته الاخيرة ، وبعضا ً من الخوف ِ
- الشاطىء ؟ ولدي ؟
- يا سيدي نعم ، ووعدتني بأن تجد لي عملاً عندك في المصنع ،، أولست السيد ( قدري ) يا سيدي ؟
- سامحك الله ، أفزعتني ، الرقم خطأ هداك الله ، هداك الله ..
ثم إنه أقفل سماعة الهاتف في هدوءٍ وتيه ٍ ، وهم في طلب الرقم مرة ً أخرى ، لكن شجاعته لم تسعفه امام ساطور هذا الجزار المتوعد لـه بدفع الثمن في المرة ِ القادمة.
قفل راجعـا ً إلى باب البناية ِ التي يسكن ، وخُيلَ إليه بأنه رأى قطا ً يحمل في فمه جرذاً ، وكسرة خبز ٍ استقرت في بقعة الوحلِ .
تمت ..
منقوووووووووووووووووووووول